كنت قد كتبت مؤخراً عن إفتتاح قناة “عيني عينك” الشاملة. ومن ضمن برامج القناة برنامج فني إسمه “هبوط إضطراري.” اذيعت الحلقة الأولى يوم أمس بأغنيات هابطة تحت الصفر وتحت الحزام أيضاً. تابعت البرنامج بشغف وأنا أرى الطائرات تهبط وتقلع والفن شعار رحلاتها. أصبح الوسط الفني مطاراً للرحلات الهابطة وأصبحت أذناي برجين شاهقين فجرا بعمل إرهابي فني. أين شبكات الأنباء عن الارهاب الفني؟ أين الإعلاميين عن الأضرار الجسيمة التي ألحقت بأذناي؟
اكتشفت أن الاعلام العربي والعالمي توجه لارهابٍ من نوعٍ أخر. شاهدت تفجيرات حقيقية ونار حقيقية بعيدة عن نار فراق شرين عن حبيبها، أو نار الشوق بين إليسا والموديل الأجنبي الذي معها. رأيت موديلات تحترق وأنغام التفجيرات تشدو لحن الوداع. بين قنوات ميلودي وروتانا تقف قنوات الجزيرة والعربية في المرصاد. وكما التنافس بين الفيديو كليب والفساتين تجد التنافس موجود بين العربية والجزيرة. مذيعة بوجه ملطخ بالأحمر والأصفر كالحديقة السرية ومذيعة كدمية الباربي مصنعة محلياً بمواصفات عالمية. أصبح الإعلام داراً لعرض الشفايف والشعر بينما الدم والهم في الخلفية.
تنقلت بين شاشات التلفاز حتى وجدت إعلاناً مغرياً يقول: “جديد الفنانه روبي كل لما اقله اه يقللي هو لأ” استمعت للأغنية وأنا أضحك بشدة على ما بذلته هذه الفنانة من جهد في إرسال رسالتها الفنية الهادفة. كل ما تقول له نعم يقول لها لا. يا للهول. انها تحكي قصة مجرم في الحب وتناست المجرمين في القتل وإزهاق الأرواح في الدنيا. هنيئاً لكي يا روبي فقد حررتي الأراضي المحتلة في عقول الملايين. حررتي الخلايا النائمة وجعلت من كل رجلٍ هادئ رجل ثائر وجعلت كل أسرة هنيئة، أسرة منفصلة. هنيئاً لكي يا روبي، فأصبحت انتي مثلاً للإرهاب. اهربي قبل أن تصبحي مطلوبة من القوة العظمى.
قد أكون أنا إرهابياً. قد أرهب بعد الناس بوجه عابس أو بضحكةٍ شريرة. قد تكون أنت إرهابياً بسماعك لهذا الفن الهابط وللإعلام التي أصبح يعمل تحت الأرض. كانوا ابائنا يخيفونا ونحن أطفال بذكر الأشرار تحت الأرض، والأن أدركت أن ما تحت الأرض إلا زمرة اعلاميين يطهون الأخبار الطازجة ويبهرون الأخبار القديمة. لقد وصلت لديهم تكنولوجيا الميكرويف فأصبح من السهل تسخين الخبر كلما إحتاج الأمر. يشكي الإعلام من الفن الهابط ولا يدرك الإعلام أنه هو نفسه هابط أكثر من الفن.
لن أكثر من الكلام كثيراً لكني ادعوكم للإستماع إلى الفنانة الوطنية دانا والفنان القومي الوطني الرائع جاد شويري ففي فنهم أجد وطناً ضائعاً وفي فني أنا أجد إنساناً حاول وما زال يحاول أن يجعل من الإرهاب نقطة بداية لفنٍ سليم، واعلامٍ صريح، وعالمٍ مسالم. وأرجو من الأخ باراك اوباما أن لا يبدأ حرباً من أجل الإرهاب الذي تكلمت عنه، فهم لا يملكون من البترول شيئاً.
——————————————————————————————————————
ملحوظة:
أنا لست صحفياً ولا كاتباً متمرساً..هذه مجرد أفكارٍ راودتني وكتبتها بكل عفوية…شكراً